زبيري رمضان

مدونة أ/زبيري رمضان ترحب بالإخوة الزائرين للمدونة ونرجو من الله أن المدونة وما فيها تحوز إعجابكم ومتمنين من الله الصحة والعافية لكل زوار وأعضاء المدونة إدارة المدونة أ/زبيري

الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

المحاضرة الثالثة

الفكر السياسي القديم لدى اليونانيين
     إن أي فكر إنساني بما في ذلك الفكر السياسي هو نتاج طبيعي لبيئته، بمعنى أن بيئة المفكر(زمانا ومكانا وثقافة) لها تأثير حتمي على فكره ، لذا فقد تأثر الفكر اليوناني بالبيئة التي ظهر فيها سواء كانت اجتماعية أو جغرافية أو سياسية. ولم يقتصر الفكر اليوناني على الأفكار السياسية فقط بل قدم العديد من الإسهامات في الرياضيات والفلسفة  وغيرها.
التنظيم الاجتماعي والسياسي لدولة المدينة
    كانت بلاد اليونان القديمة (أي بلاد الإغريق) مقسمة إلي مدن حرة تمثل كل منها دولة مستقلة، حيث كانت الوحدة السياسية القائمة وقتذاك تعرف بدولة-المدينة ومن أمثلة هذه الدول كل من أثينا،وإسبارطة،ومقدونيا،وإستجيرو،وأرجوس وغيرها..كما كانت هذه الدول تتبادل البعثات الدبلوماسية كدول مستقلة تماما كما كان أبناء كل مدينة يعاملون في المدن الأخرى كأجانب.و كانت كل دولة عبارة عن مدينة رئيسية(هي العاصمة والتي تستمد دولة المدينة اسمها منها فيقال دولة أثينا ودولة مقدونيا وهكذا.
أما الحياة الاجتماعية في دولة المدينة فقد كان اليونان يعيشون حياة قبلية ممزقة ، وكان يرأس كل قبيلة زعيم ويطلق عليه  لقب ملك لأن نظامه كان وراثياً. ومن هذه القبائل نشأت دولة المدينة وتعني مجموعة المباني العامة والمساكن الخاصة التي تكون المدينة ، وقد امتد هذا المفهوم ليصبح مفهوماً سياسياً يشمل أراضي واسعة خاضعة للمدينة. وأهم ما يميز حضارة هذه المدن تلك الثقافة المشتركة التي كانت تجمع بين اليونانيين ، وكذلك تماسكهم وشعورهم بالتفوق وتمايزهم عن غيرهم.
ويقسم المجتمع اليوناني من وجهة النظام الطبقي إلى ثلاث طبقات رئيسية متميزة عن بعضها من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، و كانت في صورة هرم قاعدته طبقة الأرقاء وفي وسطه طبقة الأجانب وعلى رأسه طبقة المواطنين.
أولاً:  طبقة المواطنين:
هم أعضاء المدينة من اليونانيين ، فكان يشترط في المواطن شرطان : الأول أن يولد لأبوين ينتميان إلي المدينة (أي يحملان جنسية المدينة)، والثاني أن يبلغ سن الثامنة عشرة (أو العشرين في بعض المدن). وتتمتع طبقة المواطنين دون غيرها بالحق في ممارسة كافة الحقوق المدنية والسياسية بما في ذلك حق المشاركة السياسية وجميع الحقوق الإنسانية ..
ثانياُ: طبقة الأجانب:
وهم كل من يعيش في المدينة بصفة دائمة أو مؤقتة من الأحرار و لا يحمل جنسيتها. (أي من لا ينتمي إلى أب أو أم يونانيين من أبناء المدن الأخرى الموجودين بالمدينة). ولم تكن لهذه الفئة أية حقوق سياسية بطبيعة الحال بالرغم من كونهم أحراراً .

ثالثاً: طبقة الأرقاء:
أو العبيد وكانوا يمثلون الفئة الأضخم عددا والقائمة على العملية الإنتاجية فكان منهم الأطباء والمدرسون والموسيقيون وخدم المنازل والحرفيون إلخ ، وبالرغم من أن أفراد هذه الطبقة يمثلون الأغلبية في المجتمع إلا أنهم لم يكونوا من الأحرار كما لم تكن لهم أية حقوق سياسية ولا مدنية فهم محرومون من الحقوق الإنسانية ومن ممارسة أي دور سياسي ، وهذا يشكك في مقولة أن اليونان القديمة كانت تطبق الديمقراطية المباشرة (حكم الشعب) ، إذ أن الحقوق السياسية كانت قاصرة على فئة المواطنين دون غيرهم..
وتجدر الإشارة إلي أن كثيرا من اللفظات (المصطلحات) السياسية التي نستخدمها حتى يومنا هذا هي لفظات ذات أصل يوناني مثل لفظة ديموقراطية التي تنقسم إلي ديمو أي الشعب و قراطي بمعنى حكم وبالتالي فالديموقراطية تعني حكم الشعب. أو كما يقولون حكم الشعب نفسه بنفسه ولنفسه.
النظام السياسي لدولة المدينة:
 يتكون التنظيم السياسي لدولة المدينة من ثلاث مؤسسات رئيسية :
1-  الجمعية العمومية(الإكليزيا) : التي تتكون من جميع المواطنين الذين تبلغ أعمارهم عشرين عاماً،وهي أعلى سلطة سياسية في دولة المدينة، وقد اختصت بوظائف عديدة منها الوظيفة التشريعية والتصويت على القوانين وانتخاب القادة العسكريين والقضاة ومراقبتهم هذا بالإضافة إلى مراقبة مجلس الخمسمائة.
2-  المجلس النيابي( مجلس الخمسمائة) : ويسمى أيضاً مجلس الأعيان ،ويتكون من خمسمائة عضو ينتمون إلى 10قبائل أثينية أي كل قبيلة تبعث 50 مندوباً ويجب أن يكون عمر العضو ثلاثين عاماً، ويتولى هذا المجلس السلطة التشريعية والتنفيذية. وأهم الوظائف التي يضطلع بها هذا المجلس :
·       تحضير أعمال الجمعية العمومية وصياغة المشاريع وإعداد نصوص القوانين التي تصوت عليها الجمعية .
·       مراقبة أعمال القضاة والإشراف على الموظفين والحسابات والإنفاق على المباني العامة والسياسة الداخلية والخارجية.
·       توجيه الأسطول البحري.
3-  المحاكم: كانت محاكم أثينا حجر الزاوية في النظام الديمقراطي، وتمثل السلطة القضائية وعدد أعضائها حوالي 6000 عضو ينتخبون من طرف الشعب لمدة عام وتعتبر قراراتها نهائية إذ لم يكن نظام الإستئناف موجوداً. ويكمن دورها في النظر في القضايا العامة والأمور المالية ومحاكمة الأفراد الذين خرقوا قوانين الدولة أو ارتكبوا جرائم أو أثاروا مشكلات اجتماعية... وقد اتبعت المحاكم في إصدار أحكامها على المبدأ التالي:"يعاقب العبد في جسده والحر في ماله".

وفي جميع الحالات يمكن القول أن الحضارة اليونانية ساهمت بشكل بارز في تطوير ونهضة الفكر السياسي البشري، حين كانت القضية المحورية التي انشغل بها الإغريق هي طبيعة العدالة وماهية النظام السياسي الفاضل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق