زبيري رمضان

مدونة أ/زبيري رمضان ترحب بالإخوة الزائرين للمدونة ونرجو من الله أن المدونة وما فيها تحوز إعجابكم ومتمنين من الله الصحة والعافية لكل زوار وأعضاء المدونة إدارة المدونة أ/زبيري

الأربعاء، 4 ديسمبر 2013

المحاضرة السادسة: الفكر السياسي الروماني القديم

   على صعيد الفكر السياسي فيمكن القول أن الرومان استمدوا أفكارهم من المفكرين اليونان وخصوصا أفلاطون وأرسطو، وبالتالي فالفكر الروماني في مجمله لم يكن فكراً سياسياً أصيلاً وهو ما نلاحظه في أدبيات المدرسة الرواقية التي كانت تعد التجسيد الرئيسي للفكر السياسي الروماني.
 تـأسست المدرسة الرواقية سنة 300 ق م، ومؤسسها زينون وهو من أهالي فينيقيا وعاش لفترة في أثينا. وتنظر الفلسفة الرواقية إلى أن كل الأشياء هي في الأصل أجزاء من نسق واحد تطلق عليه((الطبيعة))، وتهتم هذه الفلسفة بالقوة العقلية وتعتبرها أشرف صفات البشر، وقد قدمت هذه الفلسفة فكرة الدولة العالمية باعتبارها الدولة المثالية التي يتساوى فيها جميع الناس ولهم حقوق المواطنة(المواطن العالمي) وأن التمييز فيها لن يكون إلا على أساس العمل الصالح، ولهذا فهي تدعو إلى الشعور بالإنسانية وتطالب بإلغاء الرق كما تدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة، كما أكدت على صيانة الأسرة والحفاظ عليها والإحسان للآخرين .  وحتى مصادر القانون الروماني كان البعض منها مستمد من رجال القانون الرومانيين، والآخر مستمد من أفكار الرواقية إلا أن التحول العام في المنحى الفكري القانوني والسياسي يعود الفضل فيه إلى أفكار المدرسة الرواقية فقد أعطت المدرسة الرواقية لروما الإيديولوجية التي تنقصها وتنتظرها، أي أن مجيء الفلسفة الرواقية ودعوتها إلى العالمية والقانون الطبيعي الإلهي أضفى صبغة الشرعية للهيمنة الرومانية على الشعوب الأخرى، وكان للعلاقة التي أقامها الرواقيون مع الطبقة الرومانية الحاكمة دوراً في تغلغل هذا النمط من التفكير داخل هذه الطبقة وهو ما ظهرا في أفكار كل من بوليبيوس وشيشرون... وغيرهما ..
1)    _ الفكر السياسي عند بوليبيوس
       جاء بوليبيوس بتبرير التاريخ، وذلك حين جيء به إلى روما كرهينة في سنة 168 ق.م فعومل كصديق وأطلق سراحه سنة 146 ق.م وعاش صديقاً لأدباء ومفكرين رومان وجعل من نفسه أول منظر للدستور الروماني في كتابه "التواريخ" الذي حلل فيه الدولة الرومانية والتطلع لأفضل حكومة.
    لقد حاول بوليبيوس كتابة التاريخ الروماني والفتوحات بشكل منهجي، فعالج النظام السياسي الروماني في قمة مجده وربط في روما بين النظام السياسي والعسكري، وقد استوحى أكثر أعماله من أعمال أرسطو حين استعار منه التصنيف السداسي للدساتير وجعل أهداف السياسة الحقيقية هي الفضيلة والحكمة في الحياة الخاصة والعدالة في الحياة العامة. ولقد بحث في كتابه "تواريخ histoires" عن تفسير لأسباب رفعة روما التي أخضعت في نصف قرن تقريباً كل الأرض المسكونة،وقد وجده في دستورها الذي جعل منه النقطة المركزية في مؤلفه فكتب:"إن الأشكال الثلاثة للحكم كانت ممزوجة في الدستور الروماني وحصة كل منها كانت محسوبة بدقة، فكل شيء كان ممزوجا فيه بإنصاف بحيث أن أي شخص حتى من بين الرومانيين لم يكن يستطيع القول إن كان الدستور أرستقراطياً أم ديمقراطياً أم ملكياً، فلدى تفحص سلطات القناصل يقال عنها نظام ملكي، وإذا حكم عليه من خلال سلطات مجلس الشيوخ كان بالعكس أرستقراطياً، وإذا أخذت بالاعتبار حقوق الشعب كان يبدو بوضوح أنه ديمقراطي ".
هذا المديح للدستور المختلط عبر عنه بوليب بوجود ثلاثة أشكال أساسية من الأنظمة التي هي:  الملكية، الأرستقراطية والديمقراطية، وهذه الأنظمة هي نماذج ولكن ليست الوحيدة، والشكل الأمثل بالنسبة له هو الشكل الذي يجمع بين عناصر هذه الأنظمة الثلاث، وروما التي إعتمدت هذا النظام هو ما يفسر مجدها وعظمتها في تنظيمها الداخلي كما في تنظيمها للفتوحات، وقد انتقد هذا التحليل لبوليب باعتباره ليس موضوعياً لأنه يحاول تمجيد عظمة روما وشرح قوتها بعرض الوقائع التي استعملها واستعارها ليثبت برهنته لذلك، لأن العنصر الديمقراطي الذي تطرق إليه غير موجود ولأن السلطة الفعلية بيد مجلس الشيوخ هي التعبير الأمثل عن الارستقراطية.
  ويؤمن بوليب بأن الحياة السياسية تمر بمراحل أو بطريقة دورية وهي في حركة دائمة، فالتطور يبدأ مع الملكية: حكم الفرد الواحد لأن الناس البدائيين وضعوا ثقتهم بشخص واحد لإشباع المصلحة العامة ومبدأ هذا النظام هو المساواة والخير أكثر منه القوة والطغيان، ولكن مع تطور الحياة تفسد الملكية ويستسلم الملوك لإغراءات السلطة وينجرون وراء نزواتهم وتتحول بالتالي الملكية إلى طغيان، فتثور طبقة النبلاء–القيادة الأفضل بنظر الرعايا– وتتسلم السلطة برضا الناس لكن هذه الارستقراطية أيضاً تفسد عندما يفقد النبلاء الحس العام والمصلحة العامة ويستغلون الشعب فتحل الأوليغارشية محل الارستقراطية، لكن الشعب يثور ضد الأوليغارشيين لأن الأوليغارشية تتطابق مع الطغيان، ويقيم الشعب حكم الديمقراطية التي تفسد وتسيء،لأن الشعب يبعد الأغنياء ويأخذ مالهم وغناهم، فيبدأ الصراع الاجتماعي والأزمات والكوارث جراء عدم التوازن والفوضى والغوغائية التي تسود المجتمع وبعد كل هذه التجارب يعود الشعب ويسلم نفسه إلى ملك وهكذا  تتم الدورة بكاملها: (ولادة- نمو- ذروة ورشد- إنحدار فموت).
 من هذا التصنيف نستخلص ثلاثة أنظمة صالحة هي: الملكية المعتدلة، الأرستقراطية والديموقراطية. يقابلها ثلاثة أنظمة فاسدة هي: الطغيان، الأوليغارشية والديماغوجية.وهذا التقسيم يذكرنا بتقسيم أرسطو. ويعتبر بوليب أن كل نظام يتضمن في داخله عوامل فساده وإنحلاله وكل واحد منها لا يصلح بحد ذاته ليكون نظاما للدولة الصالحة لذلك لا بد من المزج  بين هذه الأنظمة والحفاظ على التوازن بينها بواسطة القوى المضادة وهنا أيضاً يظهر أثر أرسطو وأفلاطون.
2)    الفكر السياسي عند شيشرون                                                         
       يعد شيشرون أول مفكر روماني، حاول الاستفادة من التراث الفلسفي اليوناني وتوظيفه في معالجة الإشكالات السياسية التي طرحت خلال المرحلة الأخيرة للنظام الجمهوري، فشيشرون الذي بدأ مشواره كرجل دولة سنة 76.ق.م نهل من المصادر الأصلية للفكر اليوناني، كما أن بلاغته المشهود بها كمحام جعلته يتبوأ منصب قنصل للجمهورية سنة 63 ق.م قبل أن يعدم بسبب إنخراطه في الصراعات الدامية التي أفضت إلى قيام الإمبراطورية. فشيشرون عاصر تلك الصراعات بين النبلاء( مجلس الشيوخ ) والعامة(الجمعيات العامة) أي بين الجمهورية والأرستقراطية ـ
تأثر كثيراً بأفلاطون ودرس في بلاد اليونان ـ أكد على قيمة العقل . ومن أهم المؤلفات التي تركها شيشرون والتي تعكس إرادته في تطبيق المبادئ الرواقية على المستوى السياسي، نلقى كتابه في الجمهورية و "القوانين" و" الواجب "فضمن هذه المصادر الثلاثة، يمكن استجلاء تصوره للقانون الطبيعي وكذلك تأويله المتميز لنظرية الدستور المختلط التي عرفت انتشارا واسعاً لدى الأوساط اليونانية المهتمة باكتشاف سر عظمة روما وأسباب تفوق نظامها السياسي.
 ويشكل مؤلف "في الجمهورية" الذي كتبه شيشرون منعطفاً هاماً في تاريخ الفكر السياسي الروماني، ولئن كان مطمح شيشرون هو إعادة كتابة الطرح الأفلاطوني وتحيين القضايا والإشكالات التي طرحها هذا الفيلسوف اليوناني فإن المقاربة التي إنتهجها شيشرون كانت تحكمها عقلانية خاصة بفعل تمايز الواقع السياسي في روما، والمسألة الأولى التي تتصدر مؤلف شيشرون تتعلق بالنظام السياسي الأصلح بالنسبة للدولة الرومانية بإعتبار أن شكل الحكم يعد عاملاً حاسما لتفسير نجاح أو فشل دولة من الدول. ولقد سبق لبوليبيوس هذا المؤرخ اليوناني الذي أصبح رومانيا أن حلل في مؤلفه "تواريخ" دستور روما واعتبره سببا لقوة هذه المدينة ومدى العظمة التي أدركتها .
   ولقد اعتمد شيشرون على الخلاصات التي توصل إليها بوليبيوس لتطوير نظريته الخاصة حول الدستور المختلط، بيد أنه إذا كان بوليبيوس قد ألحَ كثيراً على أهمية وسائل الضغط المتبادلة التي تتوفر عليها الأجهزة المختلفة، فإن شيشرون سيركز على ما أسماه بالمداولة العقلانية أو تحولهم إلى مجرد عبيد للسلطة أو ناقمين عليها . فباسم واجب السهر على المصلحة العامة لم يتردد شيشرون في قمع كل المحاولات الرامية لخلق الشقاق داخل الدولة أو نسف مرتكزاتها الإيديولوجية وهذا ما يفسر موقفه المعادي للمسيحية وانتقاده حتى لطريقة موت المؤمنين بها، فاستشهاد هؤلاء لم يكن بالنسبة إليه نتيجة الإقتناع بعقيدتهم الدينية بل هو تعبير عن عناد في معارضة السلطة ورغبة مخالفة للمألوف،ولقد أدرك جيداً بأن العناية الإلهية التي جعلته يتبوأ منصب إمبراطور روماني هي التي تفرض عليه الإحتراس من الخطر الذي تشكله الدعوة المسيحية بحكم تهديدها لاستقرار وأمن الدولة .
ـ أفضل أشكال الحكومات:طالب بنظام حكم مختلط يجمع بين مزايا كل من الملكية والأرستقراطية والديمقراطية، وضرورة التعديل الدوري للدستور(القوانين) استجابة لتجدد ظروف الحياة .
- فكرة القانون الطبيعي: قال إن هناك قانوناَ طبيعياً عاماً يحكم العالم من صنع الحكمة الإلهية، وهو قائم على الحكمة والتفكير السليم وصالح لكل زمان ومكان ولا يجوز مخالفته بقوانين بشرية، وأن الخالق يحافظ على هذا القانون الذي لا يحتاج إلى مفسرين ، كما نادى بالمساواة بين البشر.
وفي جميع الأحوال فإن أهم خصائص الفكر الروماني مما ذكرنا نجد:
أ‌) الاهتمام بفكرة القانون وصياغته .
ب‌)  الاهتمام بالجوانب التنظيمية والواقعية للسلطة وممارسة الحكم.


هناك 4 تعليقات:

  1. mahiya aham l madariss al falssafiya fi lfikr siyassi 3inda roman mal9itch ma3loumat kafiya 3la bal l ba7t dyali svp

    ردحذف
  2. اريد معلومات اكثر من اجل البحث حول اهم المدارس الفلسفية في الفكر السياسي عند الرومان

    ردحذف
  3. شكرا لكم عل اجدتم به

    ردحذف