زبيري رمضان

مدونة أ/زبيري رمضان ترحب بالإخوة الزائرين للمدونة ونرجو من الله أن المدونة وما فيها تحوز إعجابكم ومتمنين من الله الصحة والعافية لكل زوار وأعضاء المدونة إدارة المدونة أ/زبيري

الأربعاء، 10 يونيو 2015

العلم يتجه إلى الانتصار لوجود إله _مترجم/ منقول

في عام 1966، كان غلاف مجلة «تايم» الأمريكية يتساءل: «هل الإله ميّت؟».
الكثيرون حينها كانوا متقبلين للرواية السائدة عن أن فكرة وجود «إله» للكون باتت من الأفكار البالية؛ وأنه عن طريق تقدم «العلم» قد صار بإمكاننا تفسير كل ما يجري حولنا من ظواهر؛ فالعلم قادر على سبر أغوار هذا الكون الذي نحيا فيه؛ ولا حاجة لنا في وجود «إله» نفهم منه ظواهر هذا الكون، أو نحصل منه على إجابات كلية لهذا العالم.
إلا أن كل ما تلى ذلك أثبت أنه كان من المبكر جدًا تصديق ادعاء «موت الإله»، بل إن ما حسبه أصحاب هذا الادعاء مركز قوتهم أضحى اليوم مكمن ضعفهم: وهو «العلم»؛ وهذا ما بدأت تشير إليه نتائج البحث حديثًا.
تعود بداية القصة إلى العام ذاته الذي صدر فيه غلاف «تايم» الذي تساءل عن «موت الإله»؛ إذ أعلن آنذاك عالم الفلك الأمريكي -كارل ساجان- عمَّا يلزم أي كوكب كي تتوافر عليه أسباب الحياة: حياة كالتي نعرفها على كوكبنا الأرضي. وحدَّد ساجان عاملين فقط: أولهما وجود نجم مناسب، كالشمس في مجموعتنا الشمسية؛ وثانيهما مسافة بُعد الكوكب عن النجم. كان هذا الاعتقاد وقتها، أنه إذا وُجد أي كوكب على مسافة «صحيحة» من نجم «صحيح»؛ فإن هذا الكوكب يمكن العيش عليه.
وبناءً على هذا التصور المبسَّط، ولأن الكون الذي نعرفه يحتوي على «أوكتاليون» octillion كوكب (واحد أمامه 24 صفرًا)، فإنه من المفترض إيجاد عدد «سبتليون» Septillion كوكب (واحد أمامه 21 صفرًا) يمكن العيش فوقه.
بهذه الاحتمالية المذهلة، تم تمويل عدد كبير من البرامج العلمية للبحث عن كائنات ذكية توجد خارج كوكبنا الأرضي. كل من موَّل هذه البرامج من جهات حكومية أو مؤسسات خاصة بداية من ستينيات القرن الماضي كان يأمل في الحصول على ثمار هذه الأبحاث خلال فترة وجيزة.
استخدم العلماء شبكة ضخمة من التيليسكوبات اللاسلكية تمكنهم من التقاط الإشارات والبيانات القادمة من الفضاء الخارجي بحثًا عن أي إشارة تجعل من هذه البيانات المجمعة شيئًا غير كونها مجموعة من الإشارات العشوائية.
وبمرور السنين لم يسمع العلماء غير الصمم الآتي من كل ما حولنا في هذا الكون الشاسع؛ مما دفع الكونجرس الأمريكي إلى وقف التمويل الخاص بمشروع البحث عن حياة خارج الأرض SETI في عام 1993، إلا أن الأبحاث قد استمرت بتمويل جهات خاصة غير حكومية.
ومع حلول عام 2014، وجد العلماء أن الرقم الدقيق لعدد الكواكب التي تتاح فوقها أسباب الحياة هو «صفر»، وفق ما أسفرت عنه نتائج الأبحاث، أي أن العلم لا يعطينا حتى إجابة عن سبب وجود حياة متهيئة لنا على كوكب الأرض! كيف توصل العلماء إذن إلى هذه النتيجة؟
مع تزايد معرفتنا بالكون المحيط أصبحنا ندرك أن عدد العوامل التي تلزم كوكبًا لإتاحة حياة فوقه تفوق كثيرًا تلك العوامل البسيطة التي افترضها كارل ساجان في ستينيات القرن الماضي؛ فما ظنَّه ساجان عاملين كافيين ولازمين للحياة أصبح فيما بعد 10 ثم 20، حتى صارت 50 عاملاً. وكلما زاد عدد تلك العوامل اللازمة لتوافر حياة على سطح كوكبٍ ما، كلما قل العدد المحتمل لوجود مثل هذه الكواكب بطبيعة الحال. فصار عدد هذه الكواكب المحتملة بضعة آلاف، وأخذ العدد في التناقص بشكل سريع.
الأمر الذي جعل أنصار معهد SETI أنفسهم مجبرين على الاعتراف بالمشكلة التي تواجههم؛ فكتب بيتر شينكل، الباحث السياسي، في عام 2006 مقالاً نشر في مجلة «سكبتيكال إنكويرر» العلمية، يقول فيه:
«إنه على ضوء ما توصلت إليه أحدث نتائج الأبحاث يصبح من الضروري الُبعد عن التفاؤل المفرط. وعلينا ببساطة أن نعترف بأنه لم يعد هناك ما يدعم تقديراتنا المبدئية».
ومع استمرار اكتشاف المزيد من العوامل اللازمة لإتاحة حياة على سطح كوكب ما؛ وصل عدد الكواكب المحتملة للصفر. بمعنى آخر، أنه وفقًا للاحتمالات فإنه لم يكن هناك أي احتمالية لإيجاد كوكب ينعم بحياة في هذا الكون. أي أننا إنْ طبقنا الاحتمالات فإنها تقول حتى نحن لم يكن من المفترض أن نكون هنا!
اليوم، بات هناك أكثر من 200 عامل لازمة جميعها، وبشكل متداخل تمامًا، كي يُتاح لأي كوكب أن ينعم بالحياة. فعلى سبيل المثال، لو لم يوجد بجوار الأرض كوكب المشتري بكتلته الضخمة التي تطرد بجاذبيته الكويكبات بعيدًا عن الأرض؛ لاصطدم الآلاف منها بسطح الأرض. وعلى هذا المنوال الدقيق نجد أن العوامل اللازمة لتوافر حياة على سطح كوكب ما حقًا مدهشة.
ولكننا لسنا فقط موجودين هنا، بل إننا نتحدث عن إمكانية الوجود ذاته؛ فكيف كان هذا؟ هل كل عامل من العوامل العديدة اللازمة للحياة وُجِدَ منضبطًا إلى هذا الحد من تلقاء نفسه أو صدفة؟
وفي أي مرحلة يكون من الإنصاف أن نعترف بأن «العلم» ذاته يرجّح أننا لم نتواجد نتيجة فعل بعض القوى العشوائية؟ أليس الافتراض بأن إرادةً ما خلقت هذه الظروف المثالية يحتاج إيمانًا أقل بكثير من أن تؤمن بأن كوكب الأرض قد وُجد بظروفه تلك، فقط كي يجعل كل هذه الاحتمالات غير القابلة للتصديق تتحقق؟
ليس هذا فحسب؛ فعملية الضبط الدقيقة التي يحتاجها الكوكب كي ينعم بالحياة تعتبر لا شيء على الإطلاق إذا ما قورنت بعملية ضبط الظروف اللازمة لكي يوجد هذا الكون بالأساس. فمثلاً، يعرف علماء الفيزياء الفلكية اليوم أن قيم قوى الطبيعة الأربعة الأساسية (قوة الجاذبية، القوة الكهرومغناطيسية، قوة النواة الصغرى، قوة النواة الكبرى)، يعرف العلماء أن تلك القيم قد تحددت مع نشأة الكون (الانفجار الكبير) بجزء من مليون من الثانية.
فقط إن عُدّلت قيمة واحدة من تلك القيم لما كان هناك وجود لهذا الكون. ولو صغرت النسبة بين قيمتي قوة النواة الكبرى والصغرى بمقدار جزء من مليار المليار لما تكونت أي نجوم في هذا الكون بأي حال.
الآن، قم بإيجاد حاصل ضرب احتمالية أن تتوافر الظروف المثالية لعامل واحدة فقط مع بقية الاحتماليات الأخرى لكل قيم العوامل الباقية لتعرف الحقيقة المذهلة؛ وهي أن احتمالية عدم وجود هذا الكون من الأصل هي الأصل، وأن القول إن كل هذا قد حدث «صدفة» هو تحدٍ للمنطق السليم ولبديهيات التفكير المنطقي. إنها تمامًا مثل أن تصدق أنه من الممكن أن ترمى قطعة نقود ويظهر لك وجه «الصورة» في كل مرة عند تكرار هذا الأمر عشرة «كونتاليون» Quintillion مرة (واحد يليه 19 صفرًا). هل حقًّا يحدث هذا الأمر؟
فريد هويلي، عالم الفلك الذي صك مصطلح «بيج بانج» أو «الانفجار الكبير»، يقول إن إلحاده قد اهتز بشده عند اطلاعه على تطور هذه الأبحاث. ثم كتب لاحقًا «إن التفسير البديهي والمنطقي لهذه الحقائق العلمية يرجح وجود قوة خارقة عبثت بعلوم الفيزياء والكيمياء والأحياء؛ فالأرقام التي نحصل عليها من هذه الحقائق العلمية تسحقني لدرجة تجعلني لا أضع استنتاجي هذا موضع التساؤل».
وعالم الفيزياء النظرية الإنجليزي – بول ديفيز- يقول: «إن التصميم المقصود في هذا الكون هو أمر شديد الوضوح». وقال الدكتور جون لينوكس الأستاذ بجامعة أوكسفورد: «كلما زاد ما نعرفه عن هذا الكون اكتسب الافتراض القائل بوجود خالق لهذا الكون مصداقية أكبر ليعطينا تفسيرًا لأسباب وجودنا»